arablog.org

نحن و النزاريات .. حكايات لا تنتهي

أمسكت لأول مرة بديوان لنزار قباني في إحدى أروقة المكتبة العمومية بحارتنا القديمة ، حيت تعللت للمشرف هناك بأني أبحث عن كتب لأبي القاسم الشابي لاكتب بحثاعنه لاقدمه لأستاذ العربية … كنت أبلغ من العمر إثني عشر سنة آن ذاك ، و كنت في بداية سنواتي الأولى بالمدرسة الإعدادية .
أول قصيدة قرأتها لنزار قباني كانت طفولة نهد ، حيث توجهت بنظري إلى ميدعتي الزرقاء و أحسست أن جزء الصدر فيها بدأ في التكور ،ثم شرعت أبحث عن قصيدة زيدني عشقا التي أدها كاظم ساهر في أواخر التسعينات . من فرط حبي للأغنية فكرت في أن أرى القصيد الذي بعثرني حين وجدته .”جسمك خارطتي ما عادت خارطة العالم تعنيني”…
شعرت بصعق كهربائي حين قرات ذلك البيت … و بدأت أرسم صورة فارس أحلامي شاب في الثلاثينات يلبس معطفا أسود مثل كاظم الساهر و صاحب ابتسامة ساحرة تشبه إبتسامة النجم شاروخان و يقول لي حديثا رومنسيا .
دق جرس المكتبة لقد أوشكت الساعة الخامسة و بين يداي ديوان نزار أرفض إعادته لمكانه ، حملته بين يداي و توجهت نحو مكتب المشرف و قلت له : أريد استعارة ديوان نزار قباني لان أختي الكبرى التي تدرس في الباكالوريا تحتاجه علما أنني الوحيدة بين أخوتي أزاول تعليمي . إبتسم المشرف و سجل الكتاب مع بطاقة انخراطي .
عدت الى البيت أهرول و أبتسم في الشارع و كأنني أحمل في حقيبتي إكسير السعادة ، لقد كنت أحمل “جسمك خارطتي ” و “متى يعلنون وفاة العرب” و “أحبيني بلا عقد ” و “أحبك و البقية تأتي” و “هكذا أكتب تاريخ النساء” معي كل قصص الحب الثائرة ، الحب و الولع و تفاصيل جسد النساء التي بدأت في اكتشافها بين كلمات نزار.
وصف النهد و الشفتين و الفخذين و العسل الذي يحترق سعادة حين ينبع من جسد انثى ثائرة عشت تفاصيله مع ذلك الدمشقي ، لأن مجتمعنا في أول الألفية كان يصادر أحلام المراهقات ، كانت أمي تراقب لباسي وشكل ميدعتي و كراساتي و كتبي و نتائجي و شكل ظفيرتي و شعري المشدود للفوق … قائلة : مكش ماشية للفرح …و تحت ظل المراقبة كانت قصائد نزار معها سيديهات كاظم الساهر التي كانت تمدني إيها إبنة عمي …
مرت السنوات و كبرت و غدوت امرأة لا مبالية تطلق شعرها الغجري بكل جنون تكتب يومياتها عن العشق و عن الكره و عن الحب و عن السياسة و عن أجمل القبلات في نفس السطور دون خجل و دون فصل. أصبحت تلك المارقة التي أخبرني عنها نزار
ذلك الدمشقي الذي أبى أن يفارقني ، يعيش معي كل قصصي و مغامرتي ،هو البطل الثالث عند كل قصة حب أعيشها . فالنزاريات حاضرة عند البداية “أحبك و لا أضع نقطة آخر السطر” و هي من تكلل النهاية : ” يا سيدي قل ما تريده عني سطحية غبية ، مجنونة بلهاء ..فلم اعد أبالي لان من تكتب عن همومها في منطق الرجال تدعي امرأة حمقاء”
يشاركني نزار لحظات الفخر بالوطن ، أذكر أنني استشهدت بقصيدة ياسا كنات البحر بقرطاجة أمام أصدقاء من الجزائر في كافتيريا الاتحاد الافريقي ، اللعنة عليك يا نزار أتركني أنطلق بدون كلماتك و بدون وصاياك ضد رجال الشرق … فكل من عرفتهم كانوا يبدوا إهتماما بنزار لينالوا رضائي و ثقتي و في النهاية لا أثق … لقد علمتني أن الشرق يصادر أحلام النساء و علمتني منذ نعومة نهدي بان الرجل الشرقي لا يفهم المراة إلا داخل السرير …
كبرت يا نزار و رحلت و أهديت السلام لوطني من بلاد الحبشة …
كبرت و رسائلك لم تفارقني … تلك اللعنات التي تبارك هذا الجنون …

صورة لديوان نزار قباني

صورة لديوان نزار قباني

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *