“مرحبا يا للة” ، “يا شريفة تبارك الله عليك” ..إبتسامة متفائلة تعلو وجه سائق التاكسي الذي يقلني إلى محطة القطار بقنيطرة كل صباح حين أتوجه نحو كازا بلانكا لحضور مؤتمر يخص عملي بالاتحاد الافريقي .
في تمغريبت لا يبدأ النهار كغيره فهنا تشرق الشمس بين الأطلسي و المتوسط و بين الصحراء و الجبال و بين الماء و الماء يأتي الحب من اللامكان… هنا صباح الخير تٌقال : تيفاوين و صباح الخير و بنوجور و أولا و بكل اللغات ، هنا شعب يُحب السلام و يحتفي بالحب دون خجل .
على هذه الأرض غنت لطيفة رأفت بصوتها الصادح و بوقارها المعتاد :” قلي علاش النوم محلاش ..و علاش ياغزالي .. هنا غازلني أحدهم في ليلة عشاء مغنيا : ” يابنت بلادي عجبوني عينيك ..الزين الي فيك قلبي كيبغيك أي أي يا بنت بلادي …” هنا ردد الدوكالي دون خجل : ما أنا إلا بشر عندي قلب و نظر …
هنا يدعوني أصدقائي بتازيري* وهنا أٍرقص على أنغام : أيورالابويا .. كلمات تولد من رحم شعب يعشق الألوان و الفرح يجيد عزف الموسيقى و لا ينكسر رغم صعوبة الحياة في بعض المناطق خاصة في الارياف لكن يبقى المغربي مصر على حفاوته و كرمه و لا تغيب عنه خفة الظل و الذوق الرفيع.
أنزل من القطار ،في كازا بور ألقي نظرة على عناوين الصحف و المجلات تستوقني صورة “السياسي الشوباني و سمية بن خلدون” حكاية النائبين العاشقين من عرفا الحب وراء أسورا البرلمان و من دق قلبيهما رغم النقاشات السياسية و الحزبية .. الشوباني أهدى وردة لسمية ، سمية تطلق من زوجها من أجل حبيبها ، تيتانيك في حكومة بن كيران ،رئيس الحكومة بن كيران يطرد الوزيرن العاشقين … أخبارهما تزين الصفحات و تجيب على أسىلة المغاربة من تهمهم أخبار الحب أكثر من هرطقات الساسة .
فعل الحب في بلاد المغرب الأاقصى لا يستثني أحدا ، ترى الشاعر مليكة مزان تصرخ في وجه الجميع قائلة : اي نعم أنا بغيتو أحمد عصيد … مليكة مزان شاعرة و طليقة لسفير مغربي ، تؤكد حبها للفيلسوف و الكاتب المغربي أحمد عصيد دون خجل و دون النظر في تبعات التصريحات عليها . قصة الكاتب فيلسوف و الشاعرة مليكة مزان تملؤ الوسط الحقوقي و الأدبي و الفايس البوكي حكاية للتندر و للتعليق “الله غالب بغاتو” ..
قلوب المغاربة لا تخلو من الحب.هي أرواح تتقن التعبير عما يخالجها بكل حرية رغم أعين الرقباء و الفقهاء فكل أغنية هنا ورائها قصة و موعد في شارع أنفا أو في مقهي بشارع الكورنيش أو ربما على شاطئ كازا بور أو علها قبلة مسروقة في زنقة ليون الافريقي أو في زنقة بحي الأحباس رسمها احد العاشقين قبل أن يمر أحدهم من سيدير وجهه في حال ما رأى المشهد ….
فتمغربيت ترحب بالعاشقين و تحفظ حكايتاهم .. بداية من أسطورة “حموراي” الأمازيغي مرورا بحكايات المرابطين و المجاهدين وصولا لأخبار القصر الملكي دون نسيان أحد ..
أذكر أن أحدى الاصدقاء المغاربة عرض أمامي صورة الملك المغربي مع زوجته : “شفتي الملك ديالنا و زوجتو ” نظرت لوجه صديقي من تراقصت عيناه سعادة و فخرا و هو يحدثني عن ملكه و زوجته التي بدا أنه يحبها في صورة و هما يجلسان كرسي فخما في مشهد فيه الكثير من الحب و السعادة الزوجية الظاهرة . قلت في نفسي لما لم يقدم لي صورة عن ملكهم في اجتماع و يحدثني عن مواقفه السياسية و انجازته كما يفعل أنصار الحكومة عندنا في تونس ؟ ما دخلي أنا بزوجته ؟ .
ولكنني في تمغريبت ، و هنا يأتي الحب أولا و البقية تفاصيل …
تازيري : ضوء القمر باللغة الامازيغية