“نحبك بنت بلادي الزينة” هكذا كتبت إليها ، حين قرات خبر أ تعرضها للعنف لفظي من أحد العنصريين بتونس حيث نعتها بأبشع الشباب في رسالة عبر المسنجر و طلب منها و من سود تونس الهجرة نحو الكمرون أو نيجريا .كان رد مها عبد الحميد على رسالته هادئا و ساخرا كما عودتنا منذ أن كانت طالبة بجامعة 9 أفريل حين كانت تناقش الأصول الاثنية للشعب التونسي و تدعو الطلبة و الاساتذة للإعادة النظر في تاريخ تونس المكتوب و لتفعيل ثقافة احترام حقوق الانسان لا سيما حين رد عليها أحد زملائها مرة : لقد كنا نبتاع و نشري فيكم بالكيلوغرامات .
حين يأتي الحديث عن السود في تونس أفضل إستعمال عبارة حقوق الاخرين ليس حقوق الإنسان ، فأصحاب البشرة السوداء في وطني لا تشملهم المصطلحات التالية : إنسان و مواطن و تونسي . حيث أننا لا زلنا نداهيهم “بالكحلان” و “الزرق” و “الغيرا رارا” و نغير الطريق لو اعترضونا لأن وجه الأسود نحس حسب الموروث التونسي إضافة لرفضنا التزاوج منهم كيف لرجل أبيض التزوج من إمراة سوداء ؟ .
نحن المتفاخرون بأقدم قانون للإلغاء الرق الصادر سنة 1846 و المتباهون بالكاهنة و عليسه و الربيع العربي لا نستحي بأن نواب شعبنا في المجلس التأسيسي رفضوا سن قانون لتجريم العنصرية و تجاهلوا مطالب تفعيل سياسيات لإنهاء العنف المسلط على أصحاب البشرة السوداء و السياسة الاقصاء التي يعانون منها منذ القدم و المستمرة إلى هذه اللحظة على غرار حرمانهم من تقلد المناصب العليا في البلاد كرئيس دولة أو قاضي أو محامي أو نائب في البرلمان إضافة لمنعهم بطريقة ضمنية الظهور في المشهد الاعلامي فمن المستحيل أن ترى صاحب بشرة سوداء مقدم لبرنامج أو مقدم لنشرة إخبارية و من المستحيل أيضا أن ترى أسودا يتقلد دور دكتور أو رجل أعمال أو طالب في إحدى المسلسلات أو الافلام التونسية فالأدوار المسندة لهم لا تخرج عن دائرة الاجرام و الرقص و الغناء و العمالة المنزلية .
و نحن من لا نستحي حين تتلقى مها عبد الحميد رسالة إهانة دون نحرك ساكنا و دون أن نتضامن معها كما ينبغي ، دون نتضامن من أجل وطن لا تزال فئة منه تعاني إرث العنصرية المقيت .
مها عبد الحميد : مدافعة على حقوق الانسان معروفة لدى الأوساط الحقوقية التونسية والعربية و العالمية بنضالها من أجل المساواة والعدالة الإجتماعية و كانت من أول طالبوا بحق أصحاب البشرة السوداء بالمشاركة السياسية في تونس و بالكف عن إعتبارهم أقلية و مجموعة من أبناء العبيد .