حبيبتي أحلام محمد
لا زلت أذكر كيف طرقت الباب على غرفتي حين كنت أستعد للذهاب للسهر مع والدتي ، فتحت الباب لأجدها تحمل كيسا فيها هدية لي و لأمي قائلة : هذه هدية متواضعة مني اليك أيتها الجميلة المتمردة أحبك” . لا زلت أذكر كيف حضنتك و كيف قبلت خدك المتورد مع وشاح رأسك الأخضر حين زاد يقيني برقة بنغازي التي نراها في عيون أبنائها .
حبيبتي أحلام ، إني أعرف بنغازي من فولتير العرب الصادق النيهوم حين كان يسخر من عادات و تقاليد المجتمع الليبي و المغاربي عامة ، ذلك الفيلسوف العظيم الذي علمنا كيف نحترم الانسان الليبي و شرح لنا معاناة المرأة الليبية من تعيش تحت حكم الثقافة الذكورية . كما أنني عرفت أصول العشق عند أهل بنغازي من ألحان : نلقاني مرايف عليك نريدك… ونلقاني مشتاق لمواعيد ،مشتاق لحكايتنا عصوب و ضحكاتنا .خطواتنا ساعة غروب الشمي و يدي فيدك نلقاني .حينها تمنيت لو عشقني أحد شبان تلك المدينة ليمسك بيدي و ليمضي بي على ضفاف شاطئها لأثير غيرة تريبوليس التي هام بها أهل الشرق و الغرب لأقول لها : أنت يا فاتنة فرسان روما لقد هام بي رجل شرقي يجيد الحديث على أوتار العود و يجيد نظم الشعر ليغني لي و لجبالنا الأمازيغية .
ستنفض تريبوليس و ستشكوني لقورينا ثم لقرطاج ولن أكف عن إثارة غيرتها بل سأقف لأقبله وسط أقواس الميدان و أغني بلكنتي التونسية : ليل عليك الليل و دمعك تحدر سيل و ليلي ما يليل دمعي ما يسيل .وأحضنه أمامها و ألتقط معه صورة سلفي و أجلس لأشاركه فنجان قهوة شرقية و أغازله وألامس ذلك الجرد الليبي الذي كان يضعه . و طبعا لن تسكت تريبوليس ستشكوني لكاهنة الأوراس لتثير سخط الأمازيغ و لكن أهلي كما بنغازي لا حول و لا قوة لهم أمام الحب بل سيقولون لها و لقورينا و لشحات و لقرطاج : الحب وعد السماء و ملكوت العشق لا يقدر أمره أحد .
حبيبتي أحلام ، توقفي عن الضحك و لا تصفني بالمجنونة ، فوحدها الأساطير من تليق بعشق رجل من مدينتكم ألم تقولي لي في تونس بأن شبابنا مفيش زيهم ؟ أم نسيت ؟ ما بك يا رفقيتي كيف لا أتحدى برجل شرقي العينين العالم ؟ نعم ! هذا العالم الممتلئ بالحرب و بالصخب و بالكره و بأنصار الله وأنصار الحرية و أصدقاء السلام و مجلس الأمن و غيرهم ممن لا يفقهون وجع بنغازي تلك الشامخة التي أبت أن تنتصر، تلك التي كانت منارة العلم و المسرح و الغناء و الأناقة و الجمال و الحرية لتجد نفسها في دوامات من الفوضى لا ندري عن كنهها و رغم ذلك بنغازي جميلة و تنتصر.
إنها الفاتنة المتجددة رغم الانغلاق ، أنسيت كيف بقيت حرة رغم ظلم الطاغية ؟ أنسيت كيف بقيت ألوانها رغم إستبداد اللون الأخضر و الآن هاهي ، أنظري إليها ازدادت بريقا رغم السواد المحيط بها و رغم الإرهاب و رغم القتل لا زلت أسمع صوت الحواري مارك الذي عبر جبالها حاملا إنجليه المقدس ليجد بين ظهرا نيها راحته ، أنظري إلى وجه ذلك الاغريقي الذي عبر البحر باحثا عن السلام عند بنغازي .
أنظري لي ..ألا ترين وجهي أزداد جمالا لذكر بنغازي ؟
سلامي القلب إليك و إلى مدينتك بنغازي الطاهرة.
رائعة كروعتكن ياامل بلادنا المشرق