arablog.org

الباك سبور و أزمة الانتماء الوطني لدى الشباب التونسي

عرفت دخلة الباك سبور هذه السنة :صورة صدام حسين يحمل بين يدية الرضيع السوري ايلان الشهيد على العلم التونسي . المضحك في الصورة أن إيلان الرضيع السوري الكردي حيث لا يخفى على أحد أن الألاف من الكرد ماتوا بالسلاح الكيمياوي على يد صدام حسين إضافة إلى أن الكرد السوريين ليس لهم الحق في الهوية و لا في المشاركة السياسية في سوريا منذ قيام الجمهورية العربية السورية تحت قيادة البعث السوري المعروف بدكتاتورية و بملاحقته لمعارضيه الاكراد .
كما عرف هذا الاحتفال السنة الماضية صورة الارهابي أسامة بن لادن عليها دعوات للجهاد في سبيل الارهاب .ترافقها شعارات على منوال :على منهج الخلافة سائرون و نحن جند الله و يسقط الطواغيت و المجد لدولة الخلافة إلى أخره من الدعوات إلى العودة إلى القرون الوسطى حيث الحكم للسيوف و للعصبية القلبية .
تحضي هذه الاحتفالات باهتمام الاعلاميين و النشطاء السياسيين من لا يقل أغلبهم في سطحيته عن أصحاب صورة صدام حسين و الشهيد الكردي إيلان حيث يقول رئيس الحزب الاتحاد الوطني الحر ، رجل الاعمال سليم الرياحي :” عندما أرى هكذا دخلة لباكالوريا رياضة بكل هذا العمق و الوعي بقضايا أمتنا ، لا أخاف على مستقبل تونس … صورة للشهيد صدام حسين حاضنا الرضيع السوري الغريق و علم تونس يرفرف وراءهما … برافو و بالتوفيق و النجاح لأبنائنا و بناتنا ”
احتفالات الباك سبور تؤكد لنا أن الناشئة التونسية لا ترى الزعامة و القدوة إلا في شخصيات أقترن اسمها بالارهاب و بالقتل و بالتذبيح و بالظلم على غرار أسامة بن لادن و صدام حسين و جنود الحركات الاسلامية المتطرفة . في المقابل تغيب صور للزعمات التونسية التي ناضلت و كافحت من أجل إرساء قيم الحداثة و تخليص تونس من براثين الاستعمار و التخلف و الجهل على غرار : النقابي فرحات حشاد و المناضل بالحزب الحر الدستوري الجديد الهادي شاكر و المجاهد مصباح الجربوع و شهيد الحركة الوطنية محمد الدغباجي و عزيزة عثمانة و بشيرة بن مراد و على بن غذاهم إلى آخره من الشخصيات التاريخية الملهمة في أفكارها و في مواقفها .
و لكن للأسف تختار الناشئة التونسية عناوين أخرى لتٌعبر بها عن نفسها و لترسم صورا عن تطلعاتها في المستقبل و كأننا أمام تلاميذ من جبهات القتال بأفغانستان و الشيشان أو من طلبة حزب البعث العراقي في السبعينات القرن الماضي .
هذه المؤشرات تؤكد على إستفحال أزمة الانتماء للوطن التونسي و يعود ذلك لغياب التربية على قيمة السيادة الوطنية الذي من من شأنه تجذير قيم الاعتداد بالانتماء الوطني لدى النائشة لتجنب بروز أجيال منبتة لا تميز بين الاصيل و الدخيل و بين الانساني الذي يبني الحضارة و بين المستعمر المخرب. كذلك غياب لسياسية تربوية تقوم على احترام الاختلاف و التعايش السلمي و نبذ العنف و نشر ثقافة التسامح و حب البلاد.
و تؤكد أيضا على جهل الشباب التونسي بتاريخه و بأصوله و بخصوصيته الحضارية الضاربة في القدم منذ الحضارة القبصية التي ظهرت بين 10.000و 6.000 سنة قبل الحضارة مرورا بالحضارة النوميدية و الرومانية و القرطاجية و الدولة الاسلامية و غيرها من الحقبات التاريخية التي عرفتها تونس المطلة على المتوسط و ذات الاصالة الافريقية و المنفتحة على العالم .

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *