arablog.org

في وطني كل امرأة هي عاهرة حتى تثبت ذلك

على أبواب 2016، و لا تزال قوانين كشف العذرية و إثبات الشرف سارية المفعول في تونس الحداثة  فأجسادنا حسب أصحاب القرار لا تحمل مقومات الكرامة الانسانية و حقوق احترام الجسد و تقديس حرماته.

أكثر من نصف قرن مرت على صدور مجلة الاحوال الشخصية ، و قد يمر قرن و لايزال شعبي العزيز يناقش أمر امكانية الزواج بامرأة ثانية أو ثالثة و لازلنا نستمع لتبريرات لجرائم الاغتصاب و لإنتهاك حقوق النساء و لضربهم بتعلة الفحولة و  الرجولة و الذكورة و كيد النساء و فتنهن.

بين أحضان وطني العزيز أجد كلمة قحبة من أكثر الكلمات مرورا على مسامعي ، تعترضني حين أستقل القطار و أرفض أن أمنح رقم هاتفي لأحد الشبان الذي كان يستمر في معاكستي رغم تجاهلي له و ترافقني تلك الكلمة حين ألبس تنورة قصيرة لحضور ندوة صحفية أو إجتماع  .كما أنني أسمعها من أحد سائقي سيارات الأجرة بمطار تونس قرطاج حين أتشاجر معه لأنه ريد فرض سعر باهض لايصالي لبيتي ..
أما فعل تتقوحب ، فهو من أكثر الأفعال استعمالا لوصف نساء بلادي ، تراه يقال لك حي تدافعين عن حقك ، و حين تلبسين جيدا و حين تتحدثين بلغات أجنبية و حين تلبسين حجاب أو قفطان و حين ترقصين في ملهى ليلي و حين تجلسين في بيتك و حين تمسكين بسيجارة و حدث لا حرج لو أسمكت بنرجيلة التي يرها الشاب التونسي في فمك شيئا آخر و يبدأ مخياله الخصب في رسم صورا بورنوراغرافية لك و انت حينها تستمعين مع دخان نرجيلتك الصاعد …

و يبقى فعل تتقوحب يتغير بين زمن المضارع و الماضي و المستقبل لصيقا بك سواءا  حملت كتابا  أو مصحفا أو جلست خامدة بدون أي حركة ، فأنت كأنثى خلقت لتتحملي أعباء العنف و التسلية و التحرش و الاعتداء اللفظي ، أذكر أنني تضايقت مرة من حديث مجموعة من الشباب كانوا يجلسون ورائي في مقهى الشاطئ بحمام الانف ، توجهت نحو النادل لأخبره بإنزعاجي فقام بتغيير مقعدي نحو الداخل ،و فهمت بأنني مخطئة بجلوس مكان قرب الأولاد رغم أن المقهى سياحي و مختلط و رغم أنني أكبرهم سنا و رغم أني أتيت قبلهم و لكن كل هده الأسباب لا تنفع على حد عبارة رئيس جمهوريتنا الباجي قايد السبسي مالها إلا إمرأة …

إضافة لكوني حسب هؤلاء “نتقوحب” لأني إنزعجت من كلامهم البذيئ حين كنت أجلس بالقرب منهم ، و كيف لي أنا الفتاة أن استنكر سلوكهم ؟ فهم حسب العرف الاجتماعي أولاد الحومة و رجالها في المسقبل و في المقابل أنا بنت الحومة و قد أكون من قحابها في إنتظار أن أؤكد فعل العهر .

و أمام تحديات الشارع التونسي ، أهاجر نحو العالم الافتراضي و شبكات التواصل الاجتماعي لأنشر تدويناتي التي تتلقى تعليقات من نوع:  ساقطة و شاذة إجتماعية و فاسدة خاصة حين تتعلق تدويناتي حول الأقليات الجنسية في وطننا وحين أكتب عن التشريعات الاسلامية و عن اليسار التونسي فحدث و لاحرج  من مرادفات كلمات عاهرة  تتساقط على صفحتي و الطريف في القصة أنني أستمع لكلمة عاهرة بالنسخة الفرنسية أو الامازيغية حين أنشر ما لا يعجب بعض نشطاء   الحركة الأمازيغية …

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *