arablog.org

البارح كان عمري عشرين …

تفصلني سنة و بعض الأشهر عن سن الثلاثين، يراودني شعور بأنني على مشارف جنون بنكهة أخرى . من قال أنني سأنضج حسب مقاييس نساء مجتمعات الجنوب ؟ حياة الثائرات لا تعترف بتلك القوانين الاجتماعية و لا تلتزم بضوابط اللباس والحديث و لون طلاء الأظافر و نوع الفساتين التي يجب أن ُتلبس.
لايزال شعري مجعدا يتغير لونه حسب مزاجي و حسب ما أمليه عليه. شعري صاحب دور البطولة أيام العشرين حين أطلقه و أمضي بثغري الباسم أبدا و أنا أجوب أجمل مدن العالم ، بيروت و القاهرة و غرطانة و كوالالمبور و أديس أبابا و باماكو و أنتانناريفو و طرالبس و غيرهن حيث نثرت خصلات ذلك الشعر الغجري بينها عملا بقول نزار : الشعر الغجري المجنون يسافر في كل الدنيا …
في آخر أيام العشرين ، أستمع لأغنية البارح كان عمري عشرين و أكتب هذه الكلمات لمدونتي التي نشرت عن القهوة الحبشية و عن حقنا في كسر تابوهات العذرية تحت عنوان يوميات جبلية متمردة ، تلك الجبلية التي ترفض أن تكبر و ترفض أن تنظر للمرآة لترقب تماسك جلدتها ، تلك المسكونة برياح جبال الشمال و بصوت البنادق التي لا تخمد .
البارح”
وأنا بعزوبتي فارح
بالشوق والهوى سارح
كان في عمري عشرين”
ذات مساء خريفي حملت حقيبتي و توجهت نحو ليبيا لأعمل لصاح مؤسسة الليبية لدعم المجتمع المدني الليبي كنت قد تحصلت حينها على إجازتي في اللغة الفرنسية معها شهادات في اللغة الإنجليزية من المعهد الامريكي للتعاون. حينها أحسست أن تونس تضيق بي و تضيق بأحلامي .
راودتني أفكار الرحيل و إقتنعت بها ، قلت لنفسي لما لا ، فل أغادرها علي أتصالح معها بعد قليل ، فل أغادرها علي أجد فرضا أخرى خارج أسوار هذه البلاد التي أنهكتها هرطقات ساستها .
فل أغادرها فانا لا زلت في سن العشرين، وحدها سنوات العشرين قادرة على تحمل الغربة و البعد و التعب و حتى الخطأ وحدها العشرين من تغفر أخطاءنا و تفهم روح التمرد التي تسكننا.
ذات مساء بارد ، أجلس مقهي في أديس أبابا و أكتب عن آخر أيام العشرين كيف سأقضيها . هل سأتزوج و أنجب أطفلا يحلمون إسم عائلة الرجل ؟ هل سأقبل بمغادرة إفريقيا الشرقية لأستقر بتونس ؟ هل سأكون هادئة و أكتب حسب أهواء أصحاب القرار ؟
أم سأبقى على عهد التمرد و على وصايا الصعاليك اللذين قرات لهم و عشتقتهم و جعلت لهم في قلبي مسكنا …

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *