arablog.org

مالي موعد آخر مع الحياة …

أصل إلي مالي بعد رحلة دامت قرابة ثمانية ساعات، كنت قد شددتها انطلاقا من أديس أبابا في الصباح الباكر حيث كان الطقس يتسم بالبرودة بعض الشيء لاصل إلى العاصمة باماكو بعد الظهر حيث ترتفع الحرارة نحو 40 درجة . أنزل من الطائرة ليلفح وجهي البارد نساءم حارة ، أمضي مع المسافرين ، أقدم جواز سفري الديبلوماسي التابع لمنظمة الاتحاد الافريقي لأشرح بأني منسقة بحملة الاتحاد ، يبستم لي موظف الديواني قائلا: دي عنك هذا الجواز ، أنت تونسية لا تستحقين لفيزا للدخول التراب المالي ..مرحبا بك “. تميز أمن المطار باللطف معي و هم يتحدثون الفرنسية ذات اللكنة المالية التي زادتها رونقا و لاسيما حين تضاف عليها بعض الكلمات من لغة البامبارا او البوابو أو البوزو أو التارقية /تماشقت لترسم الكلمات فسيفساء أرض لا تزال تحافظ على خصوصيتها رغم الحروب و رغم الاستعمار.

قضيت فترة عملي في العاصمة باماكو ، تحديدا قرب ساحة كان تلك الساحة الشهيرة التي يرتادها أغلب اللاعبين كرة القدم في القارة الافريقية و في العالم .كانت الساحة خصراء يتوسطها تمثال لكرة قدم . و يحيط بها الشباب و العائلات و النساء اللواتي يركبن الداراجات النارية من يخترن المرور على دراجتهم قبالها أو النزول من فوق دراجاتهم للشرب قهوة سريعة في تلك الساحة . تتميز شوارع باماكو بحيوتها و بحركة المرور التي لا تخمد و إن كان في أعقاب الليل فالمقاهي ذات الجنسيات المتنوعة هنا و هناك على غرار الهندية و المغربية و النيجيرية و اليمينة و اللبنانية و البرازيلية و العربية يكفي ان تتجول في شارع واحد لتلتقي بجميع جنسيات العالم ، ففي مالي لا يوجد لون واحد إن في مالي عديد الألوان و الاعراق و الديانات كلها تجتمع تحت نسائم الصحراء و إبتسامة الشعب المالي المضياف.

رغم الحروب و رغم المشاكل السياسية و الإقتصادية التي تمر بها مالي و لا سيما في الفترة الاخيرة إلا أن باماكو لا تزال تحافظ على سحرها الافريقي الصحراوي مقارنة بأثيوبيا حيث أعيش التي تشتم بين شوارعها حديث البوليس الفيدرالي و مكاتب الاتحاد الافريقي و الامم المتحدة و ترى أثر الثقل الديمبلوماسي على الجميع. في باماكو الامر يختلف تماما ، هناك الإبتسامة لا تفارق الوجوه و الذوق الفني و الحسي يبدوا جلي في النحوت و في الوان البيوت و في لباس النساء من يحاربن من أجل كرامتهن و من أجل حقوقهن .
باماكو -مالي-مها الجويني في مالي حيث الفقر تترفع ظاهرة زواج الاطفال لتصل الى قرابة 40 بالمئة كما ترتفع ظاهرة إبعاد النساء عن مقاعد الدراسة و توجيههن نحو العمل الفلاحي او تزويجهن أو إبقائهن في البيت . كان على المرأة المالية ان تكافح ضد الفقر و ضد المجتمع الذكوري و ضد الازمات السياسية لتحيا و لتحافظ على روح مالي بوابة الصحراء الافريقية ، نساء رغم الفقر و لم تغب روح الحياة عنهن يرقصن بشكل دائري على ألحان إفريقيا الغربية رافعات رؤوسهن للسماء ، حاملات لشال مطرز عليه ألوان زاهية تتمايل أيادهن بهم مع ضربات الدفوف و تصفيق الحاضرين . هكذا كانت مالي ، موعد مع الحياة بدون تكلف و ببكل عفوية و بساطة .

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *