arablog.org

لقاء مع نبي الكلمات صلاح الوديع

أو تخشى الناس و الحق سجين الكلمات …. مـا الذي ترجــوه من دنياك لولا الكلمات
انت إنسان لـــدى الناس رسول الكلمات…. فتكلــــــم وتألـــــــم ولتمــــت في الكلمات
و إذا مـــا عشــــت فيــهم فلتكن كالكلمات… شاهــــــد أنت عليهــــم وعليــــك الكلمات
من قصيدة الكلمات للشاعر التونسي المقاوم منور صمادح ، قالها في وجه الدكتاتورية بوطننا فكانت كلمات للسلام و للحب و للوطن و للثورة نتغنى بها أمام الظلم و الاستبداد و القهر شاهر ينها في وجوه أعداء الانسانية . عادت الكلمات مؤخرا إلى مسامعي بعيدا عن ساحات النضال و بعيدا عن تونس … عادت حين أمسكت قلمي لأكتب في دفتري عن ذكريات آخر زيارة لي بالمغرب …
فظهرت الكلمات في صورة رجل يختزل أجمل الكلمات ، فجاء على مسامعي “يهدر الشاعر في الناس وتحيا الكلمات .. ويموتون بلا ذكرى و تبقى الكلـمات .
لقد كان رجل يتقن قداس الكلمات و كأنه من ريح هارون أو أحد أصحاب علي … كان رجلا من سلالة الكلمات، كان وطنا من الشعر و ينابيع من الثورات تغريك للنهل منها . فتقترب و تقترب و تعود محملا بلعنة الكلمات وهل يروى عشاق الحياة من عبق الكلمات ؟
إنه صلاح الوديع رجل يدافع عن وطنه بسلاح الكلمات، جمعني به موعد ذات ربيع في مدينة كازا بلانكا ، حيث التقيت به على ضفاف الأطلسي و بين نخيل شوارع كازا الشامخ في مقهى الصقالة الثقافي إختار ذلك المبدع إستضافتي .
بدأنا الحديث عن تونس و عن قرطاج و الأمازيغ و عن الزعيم لحبيب بورقيبة و عن المرأة التونسية التي يكن لها صلاح الوديع الكثير و الكثير من الحب و الاحترام فهي في نظره حامية لتونس و هي التي تحمل رسائل السلام للعالم و هي أم كل فعل ثوري يعلن في تونس ضد طيور الظلام .
كلامه أثار شجني، فانهمرت دموعي أمامه التي لم تكن دموع مغتربة اشتاقت لوطنها بل كانت دموع صديقة التقت بصديق قريب بعد فترة غياب طويلة. إنسانية صلاح الوديع تجعلك تشعر بأنك مع أحد يشاركك نفس الدم و يحمل معك نفس الهوية تحس بأنه من أرضك أو من أهلك سيما حين ترى تفاعله معك لقد ترقرقت عيناه بالدموع … و استوعب بابتسامته حالة الشوق التي تعتريني.. لا أدري لما تذكرت حينها أبي رحمه الله من يشارك صلاح الوديع دفأه و إصراره على الانتصار رغم الانتكاسات التي تحيط بنا.
أصر الكاتب صلاح الوديع على إقناعي بنموذجية الثورة التونسية و أشاد بدورنا كشباب في زرع الوعي و في تجاوز كل المسلمات و القوالب الجاهزة. أخبرته عن وضع شباب اليسار التونسي من مهد الطريق إلى 14 جانفي التي سٌرقت من بين يديه حين كان يعتصم في شوارع البلاد و في ساحة القصبة ، فالإحباط الذي حط على قلوبنا حط بين شباب فبراير تلك الحركة التي استهدفتها الأحزاب السياسية بالمغرب و قتلتها .
حماسة صلاح الوديع و هو يتحدث عن الشباب تماهت مع حماستي و نبضات قلبي التي تسارعت لذكرى ثورة الكرامة و لأيام الاعتصامات و للمسيرات و لروائح الغازات الدموع التي أشتم من خلالها عطر تراب الوطن و انا فاقدة الوعي من ملاحقات الأمنية .
حماسة صلاح تتجاوز روح الشباب لتشمل الجميع هو رجل ينطق من قلبه فتأتي الكلمات عميقة و صادقة ككل الكاتب تبوح أنفاسه بأروع القصائد و المقاطع الأدبية. سيما إن كنت أجالس “العريس” و ” لئلا تنثرها الريح” و” تازممرت ” و” مازال في القلب شيء يستحق الانتباه” و تاريخ من النضالات و المواقف ساهمت في الدفاع عن الإنسان المغربي وكانت لسان حق في زمن التوحش .
إنه سليل إيسفي من حمل عشق الوطن منذ نعومة أنامه فغدى رجلا على شاكلة بلاده جميل و ضحوك و صاحب قلب مفتوح للجميع و مقاوم لا يقبل بالظلم و ينتفض في وجه كل المغتصب .

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *