arablog.org

رحل الزين الصافي و لم يرحل فنه الوطني

غادرنا في صمت يوم 7 جوان ، رمز الاغنية الملتزمة بتونس المناضل و المبدع الزين الصافي عن سن يناهز خمسة و خمسين سنة . عرفتُ الزين الصافي في 2006 في أول سنة لي بالجامعة التونسية حين حضرت له حفلة غنائية بمركز حسين بوزيان الثقافي ، حفلة على الساعة الثالثة بعد الظهر حاصر مقرها الامن التونسي و البوليس السياسي منذ منتصف النهار .
بدأت الحفلة في الموعد صعد الزين الصافي على الركح و ارتفعت الهتافات إليه مع العلم الوطني والعلم الفلسطيني و علم الاتحاد السوفياتي و صور غيفارا و صور جوزيف ستالين و تروتسكي و جورج حبش و جمال عبد الناصر و صدام حسين نبيل بركاتي و صور لطلبة معتقلين و مضربين عن الطعام ..
كانت الأجواء مخضرمة و متحدة لأول مرة أشهد توافق جميع التيارات السياسية و بمختلف أطيافها في مكان واحد و وراء راية واحدة و هي راية الزين الصافي . بدأ الزين الصافي حفلته بتواضعه المعهود و بمسحة الخجل التي غطت وجنتيه و هي يرد بالاتسامة و علامة النصر للجماهر التي كان معظمها من الطلبة و من النشطاء السياسيين و الحقوقين .
وقف الزين أمام المصدح ألقى تحية نضالية ثورية للحضور معربا من خلالها لمساندته لكل حركات التحرير الوطني بداية من تونس إلى جميع أقطار العالم و على رأسها طبعا القضية الفلسطينية جوهر الصراعات .
بدأ الزين بأغنية :
لانطيق الذل ولا نحمل كلمة عزارة لا غياب الاحباب
يضيع الوقت وما تفيدك من بعد دبارة
رجليك من الحفا ما طابت ظهرك من الحمل ما مل
تجري وراء السراب تشابط من غير ما لقيت الحل
كلمات القصيد للشاعر التونسي عم علي سعيدان من كتبها تحت متاريس نظام بورقيبة الذي لاحق معارضيه و نكل بهم ، لا نطيق الذل أي لا أتحمل الذل أغنية غذت روحي ذات التسعة عشرة ربيعا بطعم الثورة و بطعم الحرية … فلم تكن مجرد ألحان جميلة نسمعها من الزين الصافي بل كانت رسالة مضمونة الوصول من فنان يؤمن بكرامة شعبه و يصدق بأن أرضه لا تقبل الإهانة .
مرت قرابة عشر سنوات عن أول موعد جمعني مع فن الزين الصافي ، عشر سنوات حملت ما حملت من تغيرات سياسية و إقليمية عرفتها تونس مهد الثورات الديمقراطية بعد الألفية الثانية تونس المزيانة رمز الحرية كما وصفها الزين الصافي الذي غادرها بعد سنوات من التهميش و النضال في سبيل الفن البديل بأرض باتت معرضة لمشاريع التغريب و الدعشنة …
الزين الصافي كان يقاتل وحيدا مع رفاقه من مجموعة الحمائم البيض و أولاد المناجم برفقة رفاقه المبدعين مثل لزهر الضاوي و أمال الحمروني و آدم فتحي و محمد بحر و نبراس شمام و غيرهم ممن يذوقون المر من أجل فن يليق بتونس المقاومة …
رحل الزين الصافي و لم ترحل بنت القمرة و لم ترحل نداءاته من أجل وطن حر و من أجل فن بديل مقاوم لا مهادن .

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *