arablog.org

ماذا لو عشقنا كرة القدم ؟

كرة القدم مع شباب الاتحاد الافريقي

كرة القدم مع شباب الاتحاد الافريقي

“بنتك تلعب بالكورة في الشارع ” هكذا كان يصرخ أخي الأكبر كلما رآني أشارك أطفال الحي من الأولاد طبعا في لعب كرة القدم ، يصرخ و يهددني بالضرب لو كررت اللعب معهم مرة أخرى …

حينها كنت أصمت و أفتح التلفزيون لأشاهد القناة الايطالية ، لقد كان بي عشق ببادجو و فياري نجوم المنتخب الايطالي ، افتح القناة دون أن افهم كلمة من المعلق الرياضي للمباراة . كنت أكتفي فقط بمشاهدة الكرة التي يتقاذفها اللاعبون فيما بينهم  وأتابع حركات الحكم و أستبق في نفسي المخالفات التي يمكن أن يأتي بها أحد اللاعبين .

أشاهد التلفاز و ألعن القوانين الاجتماعية التي تحرمني من ممارسة لعبتي المفضلة ، أخذ كرتي أتجه نحو الجدار أبدأ في التصويب ، تصرخ أمي : مكش عزري ؟ بمعني لست بشاب لتقذفي الكرة عالية ، أدعو الله لينقذني ، أعود إلى المطبخ لأحاول استمالة أمي لكنها ترفض طبعا ناصحة بأن كرة القدم هي للشباب كما أن لعبها سيضر بقدمي و يجعلها مثل أقدام الرجال .

تدور الفكرة برأسي حول تحول ساقي إلى ساق شاب خشنة و أنهض متوجة لكرة القدم ، أحس بأنها وسيلتي لأرتقي لعالم الذكور حيث الحرية و القوة و الشجاعة و الانطلاقة .

كرة القدم لم تكن بالنسبة لي مجرد لعبة ممنوعة عني بل كانت مدعاة لحقدي على صبيان الحي فهم ليسوا بمحرومين من اللعب جماعة و ليس لهم التزامات معقدة أما نحن فعلينا اللعب في البيت و علينا الانتباه لملابسنا و لمآكلنا و لحديثنا و لشعرنا و دراستنا و مساعدة الأم في شؤون المنزل . أما صبيان الحي فهم يلعبون و يعودون وقت الغذاء للأكل و ينعمون بالراحة و يشهادون مباريات كرة القدم .

لقد كنت أحاول إرضاء أخي ليشاهد مباريات كرة القدم في البيت ليس حبا في مجالسته بل لأنها كانت الطريقة الوحيدة التي تجعلني أشاهد مباراة. بما أن الأخوات الكبريات لن يسمحن لي بالمشاهدة خوفا على أنوثتي التي قد تضيع لو شاهدت عنف اللاعبين  كما أن الأخوات لا تاستهويهن هذه الرياضة . أما بحضور الأخ و للرجل حضوة في المجتمع التونسي و كل مجتمعات العالم الثالث تصبح الأمور سهلة للغاية .

مرت السنين و دخلت المدرسة الإعدادية و حرمت من كرة القدم بسبب أستاذ الرياضة الذي كان يمنعني عنها و يوجهني إلى كرة اليد قائلة : كرة اليد للبنات .

دخلت الى المدرسة الثانوية حيث لعبت كرة اليد و تيكواندو و القفز بالزانة بحكم أنهم كانوا متاحين للبنات في قاعات الرياضة الخاصة و حين انتقلت للجامعة نسيت فعليا حلم كرة القدم . إكتفيت فقط بمشاهدة المباريات في شاشة الكمبيوتر . لكن يبقى شي ما بداخلي يجعلني أحيا سعادة كلما أرى كرة قدم يتقاذفها الشباب …

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *