arablog.org

يوم العودة المدرسية : مهنة الأب شهيد

15 سبتمبر، يوم العودة الى مقاعد الدراسة بتونس، إنه اليوم الذي يتباهى فيه التلاميذ بملابسهم الجديدة وبحقائبهم التي تحمل صور لأبطال الرسوم المتحركة الشهيرة في الوسط الاطفالي، بين هؤلاء الضاحكين والسعداء بالعودة، هناك من يؤرقه ذلك اليوم، هناك طفل بينهم لا تشمله تلك الفرحة ولا تثيره صور “بنتان” و “هاري بوتر” .
كان ذا وجه شاحب، صاحب دمعة تأبى النزول. لم يكن بالحزين وليس بالسعيد، وقف مع أترابه في الساحة ورفع رأسه أمام النشيد الوطني “حماة الحمى” وأنصت لكلمات النشيد ونظر للعلم المفدى واجتاحته الهموم والمشاعر ذاكرا جنازة أبيه التي رُفعت فيها حناجر المعزين “لاعاش في تونس من خانها ولا عاش من ليس من جندها .. نموت ونحيا على عهدها حياة الكرام وموت العظام .. حماة الحمى ..”
دخل القسم … بدأت حصة التعارف بينه وبين المعلم وبقية التلاميذ، إقترح المعلم أن يكتب التلاميذ أسمائهم في نصف ورقة ليأخذها ليعرفهم أكثر، بدأ التلاميذ بقص الأوراق واختيار الأقلام الملونة لكتابة بيناتهم الشخصية، في ظل تلك الأجواء الشبيهة بورشة ألعاب يدوية، أخذ ذلك الطفل اللون الأرزق وكتب عن الاسم واللقب والسكن وعندما آتى على إسم الاب ومهنته كتب بالأخضر شهيد وكان عقيد بالجيش الوطني .
قدم الطفل ورقته، مختارا الصمت ناظرا لساحة المدرسة مفكرا بأمه التي لم تستطع الحصول على إجازة لإيصاله لمدرسة وبخالته التي ستأتي اليه عند إنتهاء الصف ليقضي معها فترة ما بعد الظهيرة إنتظارا عودة أمه زوجة الشهيد، وهل تغني صفة الشهادة عن إحتياجات طفل للراحة وللأمان وللدعم ؟ وهل يكفي صدى النشيد الوطني حاجة ذلك اليتيم للخبز ولحقيبة جديدة ولعب وكراسات وبطاقة إنخراط في ناد رياضي مثل أترابه ؟

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *