arablog.org

عيد المرأة سوق عكاظ لسياسيي تونس

عدسة مجلة femmes Afrique

نساء تونس يناير 2011

 

عيد بأية حال عدت عيد ، آبما مضى أم لأمر فيك تجديد

13 أغسطس عيد المرأة بتونس الذي يتحول بقدرة البروباغندا الحزبية والدعاية الحكومية إلى مهرجان خطابي  وإعلامي من الطراز الرفيع. إنه اليوم السنوي الذي يعرض فيه خطباء السوق السياسي بوطني شعاراتهم وبرامجهم الداعمة للمرأة  .

في أيام عيد المرأة  تتنافس  كل القوى السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ، من المحافظين إلى الليبيرالين حتى الإسلامين الأعداء التاريخيين لموضوع “تحرر المرأة” أخذوا موقعا في هذه المناسبة ولبسوا ثوب الحداثة .

في شارع الحبيب بورقيبة، وعلى قنوات التلفزيون  والاذاعات المحلية، تفوق خطابات المتحدثين جهابذة الفكر النسوي في العالم، إنتماءا و إيمانا بالمرأة، أراهم يستشهدون بروزا لوكمسبور وقاسم أمين والطاهر الحداد والسيدة خديجة و سيمون دي بوفوار والحبيب بورقيبة … كل حسب لونه الايديولوجي و لكن رغم إختلافاتهم الجلية فهم  يلتقون في نقطيتين آلا وهي :” الاحتفاء بالمرأة في 13 اغسطس والرفع من قيمتها إلى ما فوق السماء ” أما النقطة الثانية يمكن تلخيصها في  ” نسيان المرأة باقي أيام السنة” .

تغيب صاحبة هذا العيد عن مواقع القرارات السياسية  وإن تمكنت من منصب فهو لا يعدو عن موقع في “وزارة المرأة ” أو ” وزارة الصحة” أو ” كاتب دولة مكلف بمهمة ما” مناصبها تدعم الصورة النمطية للمرأة  و تكرس أدوارها التقليدية كالتربية والتعليم والعناية بالعائلة .

في أول حكومة ثورية بعد إنتفاضة 14 يناير 2011 كان حضور المرأة كالآتي : إمرأتان مقابل 21 وزير و 0 مقابل 9 كتاب دولة.  غيابها في الحكومات رافقه غياب عن مواقع قيادية داخل الأحزاب حتى الليبيرالية منها لم نر النساء في صدارة القيادة. و في هذا الصدد الذكوري لا يختلف مجلس الشورى لحركة النهضة عن أعتى حزب تقدمي حداثي فكلاهما يعمل من المرأة ديكورا حزبيا موكلا إياها مهمة المزهرية لتأثيث الجلسات الحزبية أمام كاميرات التلفزيون .

قبل 13 أغسطس المجيد، كل تغريدات نساء الوسط السياسي والحقوقي والجمعياتي والاعلامي تطرح مسألة “سكيزوفرانيا النخبة التونسية “، اذ قيل أن المثقف التونسي يعيش الحب على ذوقه ويتزوج على ذوق أبيه، و قيل أيضا : أن المغامرات تعاش مع الرفيقات والزواج من الأفضل أن يكون خارج الوسط “.

وكٌتب أيضا عن النظرة الدونية التي تطال مناضلات اليسار التونسي من طرف بعض رفاقهن وكُتب عن التحرش الجنسي في الوسط الصحفي وعن محاولة إستغلال المرأة في اللعبة السياسية وقيل الكثير عن التشويه الأخلاقي الذي يطال بعض المدافعات عن حقوق الإنسان جراء مواقف  قد لا تحلو للبعض ، مظاهر السكيزوفرنيا و السلطوية الذكورية المتخلفة غير قابلة للحصر و لا للعد.

يوم 13 أغسطس يتحول كل الرفاق والإخوة والزملاء  إلى نزار قباني و ينهمر القصيد:

ثوري على شرق السبايا و البخور ..

ثوري على شرق يراك وليمة فوق السرير…

عندما أرى وأسمع هذه الكلمات يبادر ذهني هذا السؤال : عن أي شرق ؟ و عن أي بخور ؟ هل مانتعرض له اليوم مرتبط بالجغرافيا و بالروائح ؟ وثم من يرانا وليمة ؟ أليست العقول الذكورية السلطوية الساكنة في عقلنا الباطن ؟  لماذا يذكرون ملف المرأة و يسوقون أن الخطر قادم من بلاد أخرى ، عفوا الخطر على النساء ساكن بيينا و ليس بغريب عنا .

خطبهم الغراء وشعارتهم النسوية الثورية  تحاول التملص من السؤال : ” تفعيل إتفاقية سيداو في الدستور التونسي” . عبارتهم تهرب من مطلب “تفعيل المشاركة السياسية للمرأة ” . إنه 13 أغسطس يوم راحة لمن كانوا يقولون في عهر النساء وسحرهن وغبائهن وأهمية النقاش الرجالي في تحديد و تسيير الأمور ليغيروا الموضوع قليلا وليستعدوا لفصل آخر من فصول ذكوريتهم .

و هكذا يغدو عيد المرأة اليوم وطني لاختراع أحلى العبارات و التصريحات الجميلة والرومانسية  والوردية والمتعهدة بالحفاظ على مكتسبات المرأة. إنه اليوم الذي تجلس فيه بعض النساء على المنصة ليستلمن التكريمات وليستمعن للتهاني والمدح  ممن قدم مهنئا لها  بعيدها. حينها  تعيش “هي” لحظات تتويج وتكريم سيتغل في ما بعد لحملة إنتخابية لانتخابات التشريعية القادمة.

مبروك التكريم سيدتي …  و كأن ما كنت تقدمينه من تضحيات أو خدمات يجب أن تكافئ عليها من طرف رجل يهدي لها باقة ورد قائلا : أحسنت و شكرا لك ؟

لا يا سيدي السياسي  ما هكذا تُكرم الحرائر في موطني، ففعل الثورة جزء من كينونتنا كنساء ورثنها من وشم جداتنا وحفظناه من صفحات تاريخنا .

عفوا سادتي ، نضالاتنا  واجب وطني و من حقنا كنساء تونسيات أن نساهم في نهوض بوطننا و ليس على أي أحد تقييم هذا النشاط .

13 أغسطس هو ذكرى الإعلان عن مجلة الأحوال الشخصية …هو إحتفاء بأول مكسب قانوني ضمن للمرأة عديد الحقوق ، أكثر من خمسين سنة مروا و العديد من الظواهر و الإنتهاكات لا يزال مسكوت عنها .

لا نريد أعيادا للخطب السياسية

اصمتوا قليلا … لنسمع وجع نساء الخضراء

إنه عيدنا و ليس بسوق عكاظ .

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *